[size=16]
[size=16]تعد شجرة النارنج التي يعود تاريخ أول وحدة تقطير الأزهار إلى أوائل القرن التاسع عشر ذات بعد ثقافي اجتماعي واقتصادي مهم في مدينة نابل التونسية فمع استقرار حالة وتواصل الأيام المشرقة للربيع تتحول مدينة نابل إلى ورشة مترامية الأطراف انطلاقاً من الحدائق ووصولاً إلى الشوارع التي تزدان بأشكال متنوعة لتقنيات جمع أزهار النارنج التي ما إن تنضج ويكتحل زهرها حتى تسارع العائلات النابلية بقطفها وتجميعها قبل أن تتفتح وتفقد قيمتها، وخاصة أن موسم الأزهار لايتواصل إلا لفترة تتراوح بين ثلاثة وأربعة أسابيع، إذ يعد الزهر المصدر الرئيسي لزيت النيرولي الذي يتم تصديره إلى الأسواق الخارجية ولاسيما إلى مدينة «غراس الفرنسية ليتم استعماله في تركيب أرقى وأفخر أنواع العطور العالمية و يوفر هذا القطاع عائدات سنوية لسكان المدينة تصل إلى خمسة ملايين دولار، حيث يعطي كل طن من زهر النارنج (1كغ) من زيت النيرولي الذي يتراوح سعره بين 4-5 آلاف دولار ويوجد في مدينة نابل حوالي 108 آلاف شجرة نارنج على مساحة390 هكتاراً.
[size=16]ناهيك عن إنتاج مئات اليترات من روح ماء الزهر ذي الاستخدامات المتعددة.
[size=16]وبالرغم من التقصير الواضح الذي طال أشجار النارنج كغيرها من النباتات الدمشقية إلا أننا لحظنا مؤخراً اهتماماً واضحاً من الجهات المعنية بمحاولة إعادة هذه الشجرة إلى سابق ألقها، فقد قامت محافظة دمشق مؤخراً بإطلاق حملة المليون شجرة لإعادة الاهتمام بزراعة عدد من النباتات والأشجار في شوارع وحدائق المدينة وعلى رأسها الياسمين والنارنج والوردة الشامية.
[size=16]«زهرة الشام» الاسم الذي يطلقه مصنعو العطور في دمشق على العطر المستخلص من أزهار النارنج ولكن للأسف وحسب هؤلاء المصنعين فإن الزيت الذي تركب منه عطور أزهار النارنج يستورد من خارج سورية، وكم تحدونا الأمنيات أن ينتج عطر «زهرة الشام» من داخل الوطن حتى تزداد رائحته عبقاً وروعة بامتزاجها بمحبة وألفة الأرض والإنسان.
[size=16]النـــارنج .. والشـــــعر
[size=16]لقد عرف العرب النارنج منذ القدم فتغنى بوصفه شعراؤهم، منهم السري الرفاء القائل في وصف نارنجة:
[size=16]حلت عقال نسيمها وتوشحت
[size=16]بالأرجوان وشددت أزرارها
[size=16]فكأنها في الكف وجنة عاشق
[size=16]عبث الحياء بها فأضرم نارها
[size=16]ما أحسب النارنج إلا فتنة
[size=16]هتك الزمان لناظر أستارها
[size=16]عشقت في سنه العيون فلو رنت
[size=16]أبداً إليه ماقضت أوطارها
[size=16]فيما وصف الحكم بن أبي الصلت النارنج بكثير من الإعجاب والحب:
[size=16]وحبذا قضب النارنج مثمرة
[size=16]بين الزبرجد من أوراقها ذهبا
[size=16]وحبذا الورق فوق القضب ساجعة
[size=16]والماء في خلل الأشجار منسربا
[size=16]صفا ورقَّ فكاد الجو يشبهه
[size=16]لو أن جوا جرى في الروض وانسكبا
[size=16]حتى لو جهلت للبعد عاصرها
[size=16]وأنسيت لتراخي عهدها العنبا
[size=16]ولم تكد تخلو أشعار نزار قباني تلك التي تصف دمشق وحاراتها من وصف للنارنج وتغزل بجماله كامرأة فاتنة:
[size=16]النارنج بيتي وبيت أبي وبيدرنا
[size=16]وشجيرة النارنج تحتضنني
[size=16]تاهت بعينها وماعلمت
[size=16]أني عبدت بعينها وطني